وفيها ( 18 ) انتشر الطاعون من قرية عَمواس(1) وكثر بالشام ، وخرج عمر يريد الشام حتى بلغ قرية السرغ فلقيه أُمراء الشام وأبلغوه أن الطاعون قد كثر فعزم على الرجوع ، فشدد عليه أبو عبيدة الكلمة وقال له : أفرارا من قدر اللّه ؟! فقال : نعم أفرّ من قدر اللّه إلى قدره(2) .
ومات فيها خمسة وعشرون ألفا ممن أُحصي منهم . واحتكر الناس فغلت الأسعار(3) . وأمحل الحجاز ، فاستعان عمر من الأمصار ، فحمل إليه أبو عبيدة أربعة آلاف راحلة زادا(4) وأصاب الناس جدب وقحط ومجاعة شديدة فسميت عام الرمادة ، وأمر عمر الناس بصلاة الاستسقاء ، وخرج وأخرج معه العباس عمّ النبي وأخذ بيده وقال : اللهم إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك ! اللهم فلا تخيّب ظنّهم في رسولك ! فأُسقوا(5) .
وكتب عمر إلى عمرو بن العاص في مصر أن يحمل إلى المدينة طعاما في البحر يكفي عامة المسلمين . فحمل ابن العاص طعاما إلى القلزم ثم حمله في البحر في عشرين مركبا ، في كل مركب ثلاثة آلاف أردب وأقل وأكثر ، وصار بها إلى
--------------------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ خليفة : 76 وهي قرية بين الرملة والقدس في فلسطين .
(2) اليعقوبي 2 : 149 .
(3) اليعقوبي 2 : 151 .
(4) تاريخ ابن الوردي 1 : 141 .
(5) تاريخ اليعقوبي 2 : 150 ، وتاريخ خليفة : 76 ، وتاريخ ابن الوردي 1 : 141 . وفي الاستيعاب 3 : 98 ، 99 : أن ذلك كان باقتراح كعب الأحبار على عمر ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 22 : 290 ، والشوشتري في قاموس الرجال 6 : 21 ، واُنظر تعليقة الشيخ على توسل عمر بالعباس وتركه أبا الحسن والحسنين عليهمالسلام !